بالصور: رحلتي الي حلايب وشلاتين بقلم عبد المنعم عبد الحميد

تتطلب عرض الشرائح هذه للجافا سكريبت.

كَتَب:عبد المنعم عبد الحميد  تقديم: أحمد مجدي  مراجعة لغوية: علا طعمة

سافر عبد المنعم عبد الحميد إلى حلايب وشلاتين مرتين هذا العام مع قوافل “جمعية رسالة” ؛ لتقديم المساعدات للأُسر المحتاجة للاحتياجات الأساسية من الغذاء والملبس وغيرها، وكتب يومياته خلال الرحلة على الفيس بوك ؛ لإيصال صوت الناس التي تقيم وتعيش هناك، ومطالبهم التي هى حق أصيل لهم في الحياة، يجب على الدولة أن توفرها لهم، لكن الحكومة تتعامل معهم بأسلوب مختلف.

فى كل رحلة تبدأ الصعوبات طريقها، ابتداء من: المواصلات، و حدوث عطل للحافلة التي تقلهم، و هذا فى المرة الأولى. أما المرة الثانية كانت الصعوبات تتمثل في عدم وجود متبرع للمواصلات! و بعد حل هذه المشكلة ظهرت مشكلة جديدة وهى نقص السولار فى منتصف الطريق.

و بمجرد الوصول لجنوب مصر يبدأ فصل جديد من المعاناة في الوصول للمواصلات التي تتم بالتعاون مع المجلس المحلي، أما القيام بتوزيع المساعدات يتم بالتعاون مع المخابرات والتي تسمح بالتوزيع في قرى شلاتين فقط ويتم منعها في حلايب

هذه بعض من المشاكل التي تحمل في طياتها المعاناة التي لا تُقارن بما يواجهه أهل حلايب وشلاتين، التي تقف ظروف الحياة تقريبا ضدهم دائمًا، فأسلوب الحياة يخضع لظروف الطبيعة، ومثال على هذا: يحدث مع غروب الشمس دخول توقيت النوم، و في النهار تحصل على الغذاء بنظام المقايضة وتحصل على المياه من الآبار والعيون والبيوت، ولا توجد بنايات للسكن، فقط خيم مكونة من بقايا خشب وقماش مُقطع، بالإضافة إلى أن مسلمي هذه المنطقة لا يتحدثون العربية ولا يعرفونها، كذلك لا يوجد مسجد واحد في هذه المنطقة!

هذه ملامح حياة أهل بعض القرى، حياة مليئة بالمشاكل والمعاناة الدائمة. ويقترح عبد المنعم بعض الحلول للخروج لمواجهة موت الإنسان في هذه المناطق

 الرحلة الاولى

مقدمة غير ضرورية

بدأت القصة في عام 2008 عندما خرجت أول قافلة مُجمعة مع “جمعية رسالة” لمدينة إسنا ، في ذلك الوقت كان يتم اختيار اثنين من أنشط المتطوعين فى كل فرع ومكافأتهم بخروجهم في هذه القوافل المجمعة.

فى هذا الوقت تعرفت على أفضل الناس – نحسبهم كذلك- من كل مكان فى مصر ، بدأت علاقتنا تكبر كل عام عن الذى قبله كنا نخرج في قوافل مختلفة إلى أماكن مثل سيناء و الأقصر و غزة .. إلخ.

فى بداية شهر مارس عرفت من صديق لى من أجا اسمه “أحمد حسن” أن “رسالة الإسكندرية” مع “رسالة المنصورة” سيخرجون فى قافلة إلى حلايب وشلاتين فى يوم الثامن والعشرين ، فاتفقت أنا وصديقى على الذهاب سويا.

فى يوم السادس والعشرين كلمته وعرفت أنه لن يخرج في هذه القافلة ، لكنه أعطانى رقم أحد الأشخاص من المنصورة كي أحجز مكانا لى .

حاولت أن أحدثة طوال اليوم لكن تعذر الاتصال بسبب عطل فى شبكة الاتصالات، فلما قاربت أن أيأس وأيقنت أن ذنوبى هي التي منعنتي من هذا الخير دعوت الله أن ييسر لي طريق هذا الخير كي أترك عملا صالحا لا ينقطع حتى بعد موتي.

وفى تمام الساعة السابعة مساء كلمني “أحمد خلف” من المنصورة وقال لي : “يوجد مكان لكنهم سيتحركون من المنصورة بعد الفجر مباشرة” فكانت هذه العقبة الثانية أمامي!! كيف أسافر للمنصورة في هذا الوقت المتاخر ؟! كلمت أحد أصدقائي كان يتمنى أن يخرج في مثل هذه القوافل وكان قد أوصاني أن أخبره بميعاد خروج القافلة فرد علي  واتفقنا على الخروج معا إلى المنصورة و الذهاب مع القافلة ، بدأت في تحضير الحقيبة و نزلنا مباشرة وتقابلنا في ميدان رمسيس الساعة التاسعة مساء.

تحركنا من القاهرة ووصلنا المنصورة في تمام الساعة الواحدة ليلا ، صديقي من المنصورة استقبلنا و أطعمنا ثم ذهبنا لننام كي نستيقظ مبكرا فأمامنا1200 كيلو.

الثلاثاء 27 مارس

استيقظنا و صلينا الفجر وتحركنا بالميكروباص بعد أن اشترينا بعض الأشياء .  وعندما وصلنا منتصف الطريق بين المنصورة والزقازيق تعطلت السيارة .

بقينا أكثر من ثلاث ساعات وسط الطريق الزراعي ، فشعرنا جميعًا بالذنب وأخذ كل واحد يعتقد أنه السبب في هذا التعطيل بسبب ذنوبه ولابد أن يترك القافلة حتى تستمر الرحلة بغيره.

ثم أحضرنا سيارة أخرى وتحركنا ، أجمل ما في الموضوع أن صاحب السيارة الجديد كان يعمل مع “رسالة الزقازيق” وكان يستكشف معنا .

ثم تحركنا بعدما صلينا الظهر والعصر قصرًا ، وقتها كانت الساعة الواحدة ظهرا، كان الوقت مهما جدا بالنسبة لنا وكنا متأخرين جدًّا.

مررنا باستراحتين فقط طوال 1200 كم ، مرة في محطة بنزين والتانية في القصير ، نزلنا أكلنا سمكًا وجمبرى .

وصلنا مدينة الشلاتين الساعة السادسة صباحا ، فقد قطعنا أربعًا وعشرين ساعة في الطريق ، لكن الناس هناك كانوا يستحقون المعاناة التي عانيناها طول الطريق.

الأربعاء 28 مارس

نمنا فقط ثلاث ساعات في مكان المبيت وبدأنا نتحرك في الساعة التاسعة صباحًا. ذهبنا نتكلم مع رئيس المجلس المحلي ليوفر لنا سيارات تنقلنا داخل البلد من وإلى القرى الأخرى .. إلخ ثم ذهبنا لمكتب المخابرات لنأخذ التصاريح وبدأ كل واحد ينطلق نحو القرى ليستكشفها.

أول يوم نزلت استكشفت مع “إسلام” قريتين هم ” حجر الأساس” و ” الصيادين”

تقع “قرية الصيادين” هذه قرب البحر والناس هناك يبنون بيوتهم من الخشب الذى يقذفه لهم البحر. أما في “قرية حجر الأساس .. شلاتين”قابلنا السيدة الظاهرة في الصورة ، كانت كفيفة وشديدة الفقر و على الرغم من ذلك فإنها كانت سعيدة جدًّا وفرحة بلقائنا.

اعتقدت أن هذا أصعب شيء يمكن أن أراه هناك لكني كنت مخطئًا.انتهينا من أول يوم استكشاف ، كانت الساعة حوالي السابعة ، لم نعد نستطيع أن نكمل لأن كل الناس يدخلون بيوتهم لأنه لا يوجد كهرباء.

فهم يعيشون على مصباح “جاز” ، فعندما يأتي المساء يدخلون بيوتهم في انتظار اليوم التالى .

وجدت نفسي وسط مساحات شاسعة من الرمال مع درجة حرارة ورطوبة لا يتحملها سوى أهل المنطقة فقط.

حياة الناس هناك بدائية جدا ، كل عملهم رعي الأغنام و صيد السمك وبيع العطارة ، وبعض الأغنام تموت بسبب الجفاف وقلة الطعام .

انتهى أول يوم .. كنت متعبًا إلى حد ما لأني لم أنم سوى ثلاث ساعات ، أكلنا وذهبنا لننام لنكمل استكشاف باقي القرى في صباح اليوم التالي .

الخميس 29 مارس

تحركت إلى قرية اسمها ” الشوماب العالي” الوضع هناك يصعب على أى إنسان أن يتحمله ، فسبحان من أعطى أهل هذه القرية الصبر و الرضا .

المشكلة هناك هي أن أهل البلد في القرى لا يتكلمون اللغة العربية و إنما يتكلمون لغة أخرى اسمها “روتانة”، وجدت في هذه القرية 75بيتا كل بيت بعيد عن الآخر وسط الصحراء وكانت الشمس شديدة علينا . ولكن ” حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات”

من كان هناك بحالة جيدة بالنسبة لباقى الناس كان بيته من الخشب ، أما الآخرون فكانت بيوتهم قطعا مرقعة من الخشب يربطونها بمسامير مع بعضها.

بعد أن انتهيت من اسستكشاف أول قرية ذهبت إلى قرية أخرى اسمها ” علياب ” مساحتها كبيرة جدا ولم نستطع أن تنتهي منها كلها . انتهينا فقط من نصفها . وذلك لأن البيوت هناك بعيدة عن بعضها ولابد أن تمشي وسط الصحراء . فلكم أن تتخيلوا كيف يعيش الناس هناك ، كلما سألتهم عن حالهم يقولون الحمدلله .

طوال اليوم لم نكن نأكل أي شيء غير بعض سندوتشات فى الإفطار والغذاء الذى يكون في الساعة التاسعة أو العاشرة مساء عندما نكون قد انتهينا من العمل وعدنا إلى مكان المبيت ، وكل واحد منا يبدأ في تجهيز الأسر التى رآها من أجل اليوم التالى  فلابد أن نبدأ في التحرك في التوزيع على القرى في الساعة التاسعة صباحا ، كنا في غاية التعب.

الجمعة 30مارس

في هذا الوقت كان متطوعو “رسالة الإسكندرية” قد وصلوا وكان كل واحد مسئولا عن مجموعة ليسهل على المتطوعين توزيع الأشياء على القرى التي استكشفوها . كان يوما شاقا جدا.

بدأنا التوزيع الساعة السادسة صباحا وانتهينا الخامسة عصرا. بعدما انتهينا بدأنا نجمع حقائبنا كي نعود مرة  أخرى إلى القاهرة.

ولكن الناس هناك كانت تنقصهم أشياء كثيرة : بيوت ، أكل ، مساجد ، خزانات مياه ، وجدنا قرى كاملة لا يوجد بها مساجد

كان الناس يضعون بعض الطوب على الأرض في اتجاه القبلة ويصلون على هذا الوضع . أخبرنى واحد منهم أنهم يتمنون أن يكون لهم مسجد ليصلوا فيه في شهر رمضان لأنهم لا يجدون مكانا ليصلوا فيه . هل تتوقعون أننا نستطيع أن نبنى لهم مسجدا ؟ّ! هذا الرجل نفسه الذى حدثنا عن المسجد دعا لنا “يارب رجع مجد أمة محمد – صلى الله عليه وسلم- على أيديكم و مصر ترجع تاني لينا” وقتها شعرت بقشعريرة من الدعوة.

أما عن الماء ،فالناس تأتيهم المياه كل أسبوعين ، كان الواحد منهم يملأ خزانه ومن لا يملك خزانا كان يقترض الماء من الجيران وكانت الخزانات تتشقق من شدة الحرارة والشمس .

قال لنا واحد ما دام أنكم علمتم حال الناس هنا إذا فقد أصبح هؤلاء الناس مسئوليتكم .

الناس هناك لا تعلم شيئا عن الإسلام لكنه كان في قلوبهم ، يعرفون الله  ومنهم من لا يعرف اسم الرسول –صلى الله عليه وسلم – بالطبع هؤلاء الناس من أولوياتهم أن يتوفرلهم مكان للإقامة والطعام والماء بمعنى أصح ينقصهم المتطلبات الأساسية لبقاء أي كائن حي على قيد الحياة. بعدما انتهت القافلة وردت في بالي هذه الآية الكريمة: “ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم”.

كل واحد علم بحال هؤلاء الناس أصبح مسئولا عنهم ، يجب أن نعرف الناس بحال هؤلاء . نحن إن شاء الله سنذهب لهم بمساعدات أخرى.

اللهم استخدمنا ولا تستبدلنا

الرحلة الثانية

مقدمة ليس لها أي أهمية

بعدما عدت من قافلة حلايب وشلاتين المرة السابقة ، عدت من هناك أحمل حملا كبيرا ، أنني لابد أن أوصل صوت هؤلاء الناس وأننا لابد أن نسمعهم ونرى مشاكلهم ونعرف الناس كيف أن ظروفهم صعبة سواء كانت ظروفهم البيئية أو المعيشية ، كل شيء تقريبا كان ضدهم

عندما كتبت يومياتي في الرحلة الأولى لم أكن أتوقع رد الفعل الكبير هذا .

عندما عدت من أول قافلة طلب أناس كثيرة – الحمد لله – أن يساعدوا ، وأيضا “رسالة” سوف تخرج سلسلة قوافل إلى حلايب وشلاتين ، أيضا شباب من “رسالة هندسة” طلبوا المشاركة في عمل قافلة هناك ، فقلت – الحمدلله – رائع  جدا أن يشارك “رسالة هندسة” مع “رسالة فرع المهندسين” ونقوم بعمل استكشاف لمعرفة احتياجات الناس الفقيرة هناك الذين قليل منا من يشعر بهم أو يعرف عنهم أى شيء.

مشاكل لكن إرادة الله فوق كل شيء

بالفعل اتفقنا أن ننزل يوم 25 أبريل لأنها فرصة رائعة جدا للشباب العاملين لأنه كان يوم إجازة فسوف يتبقى أربعة أيام وهي عدد أيام القافلة ، بدأنا في تجهيز القافلة بمكالمة الأدلاء من القرى والتنسيق معهم .. إلخ.

كان اعتماد شباب هندسة أنهم سيخرجون مع رسالة لأنها ستغطى تكاليف الانتقالات والإقامة او أي مصاريف تخص القافلة.

المهم ، كان يوم التحرك صباحا ، حدث ما لم يكن في الحسبان ، ” جمعية رسالة” قامت بتأجيل ميعاد القافلة لأجل غير مسمى فكان هذا اليوم يوما سيئا لكثيرين أو بالنسبة لي على الأقل ، هذا كان معناه أن شباب “رسالة هندسة” أيضا لن يُخرجوا القافلة لأن مصاريف السفر مكلفة بالنسبة للطلبة . كما كان اعتمادنا بنسبة كبيرة على عدد من المتطوعين الذين سيأتون من “جمعية رسالة” ويقومون بمساعدة “شباب هندسة” .

أيضا كانت قافلة “رسالة هندسة” ستؤجل هي الأخرى لفترة كبيرة إلا إذا وجدنا حلا في موضوع المواصلات أو عدد المتطوعين الذين سيخرجون معنا ، إلى أن وجدنا رجلا – ابن حلال – حل لنا هذه المشكلة قام بالتبرع بالمواصلات كلها . هذه القصة إلى الآٓن لا أصدق تفاصيلها لكن “ربك لما يريد”

سيفتح الله بابا.. كنت تظنه من شدة اليأس مخلوقا بغير مفتاح

بدأ كل واحد يكلم أصحابه أنه ذاهب غدا إلى حلايب وشلاتين وأننا نريدهم معنا ، طبعا كانت فكرة مجنونة لكن وافق بعض الناس فعلا.

تحركنا في اليوم الثانى بعد ما تم توفير المواصلات وكانت الساعة تقريبا العاشرة مساء من أمام كلية الهندسة جامعة القاهرة ، بدأت الرحلة لحلايب وشلاتين. الطريق لا ينتهي ، واجهتنا مشكلة أخرى وهى نقص السولار على طول طريق البحر الأحمر ، مما أدى لتأخرنا حوالى ثلاث ساعات أخرى في مدينة الغردقة إلى أن وجدنا البنزينة وكان لابد أن نملأ جركن بالسولار للطوارئ في الطريق ، وبالقدر تذكر واحد معنا أن قريبه يسكن في الغردقة ، فكلمه الساعة السادسة صباحا على أساس أنه يعرف المنطقة ويستطيع أن يحضر لنا جراكن فارغة.

المهم أنه أتى وأنهينا مشكلة البنزين وظللنا سائرين في الطريق حتى الساعة السادسة مساء.

حجزنا في مكان يقال عليه فندق لكنه كان يتميز بوجود تكييف ، لكننا طلبنا من صاحب المكان أن نرى غرفة أو غرفتين لنتأكد ، فأعطانا المفاتيح و لم نره مرة أخرى إلى آخر يوم.

حمدنا الله ، تكييف وسط الصحراء ، لكن لم ننتبه أن كل الغرف بها ناموس. أكلنا واسترحنا من الرحلة وفجأة انقطع التيار الكهربائي من كل البلد ” تخفيف أحمال ” ولأننا كنا خائفين تجمعنا كلنا في غرفة واحدة وبدأ الناموس يمارس عمله”لم يكن ناموسا عاديا ولا كان عدده صغيرا” ليس أقل من 50 ناموسة في كل غرفة ، ولم نكن نعرف كيف نتصرف معه فلا نستطيع أن نركب “إيزالوا” ولا حتى نشغل مروحة. وكان الحل أنك تتغطى بأي شيء عندك وكانت بطانية ” في عز الحر ” حاولنا أن ننام ونمنا فعلا ولكننا استيقظنا مرة أخرى من الناموس ، ظننا أن الفجر اقترب لكننا صدمنا لما علمنا أن الساعة مازالت الثانية عشر مساء ، كان الوقت يمر ببطء شديد ظللنا نحارب في الناموس إلى الساعة الثالثة فجرا إلى أن أتت الكهرباء.

اليوم الأول – شلاتين البلد

انقسمنا أول يوم على أماكن توزيع القرى وعدد كل أسرة في كل قرية ، وبدأنا في تكملة الاستكشاف الذي قمنا به في القافلة السابقة. لم أكن أتخيل أني سوف أنزل في نفس القرية “علياب” ونكمل الجزء الثاني منها .

أول يوم لم يلفت انتباهي شيء ، انتهى اليوم على هذا . وكانت الخطة أننا في اليوم الثاني سننزل حلايب وهي على بعد 280 كم من شلاتين لعمل استكشاف بها ، لأنه كما يقال على لسان أهل شلاتين: “إن حلايب أشد فقراعشرات المرات ” فلك أن تتخيل المنظر.

المهم واجهتنا بعض الصعوبات في استخراج تصريح من المخابرات لنزول حلايب في التوزيع ، فأنت تستطيع أن تنزل لتستكشف لكن وقت أن تأتي بالمساعدات فلن تدخل حلايب – لا أعرف السبب- المهم غيرنا الخطة وقلنا: ” سننزل قرية أبرق والجاهلية”.

اليوم الثانى – أبرق والجاهلية

استيقظنا الساعة السابعة ، وبعد الإفطار وتحضير حقائب السفر بدأنا التحرك إلى قرية أبرق و الجاهلية ، كانت على بعد 80 كم قبل شلاتين و 60 كم داخل الجبال و الوادي . هناك لايمكن لأي سيارة أن تدخل هذا المكان ، فقط يجب أن تكون سيارة ذات دفع رباعى، الطريق كان أغلبه غير ممهد ولا يوجد به أي نوع من أنواع شبكات المحمول .طوال الطريق ترى جبال مختلفة الأشكال و الارتفاعات ، وكان يصعب على أي إنسان أن يدخل هذه المنطقة في مثل هذا الجو “عز الظهر” ولكن رحمة ربنا بنا كانت كبيرة وكان بعض الهواء يلطف الجو قليلا، وأيضا طوال الطريق لأبرق كان لابد أن نقتصر في شرب المياه لأنه لم يكن معنا غيرها .

مررنا في الطريق على منطقة كانت تسمى “وادى النعام”، منذ حوالي عشر سنوات كان يوجد نعام في هذه المنطقة ولكن لانعدام المطار لمدة سبع سنوات وصعوبة الجو هناك وعدم وجود طعام ، تمت هجرة هذا النعام نحو الجنوب للسودان.

دخلنا لأبرق ووجدنا حياة أخرى تماما ، وجدنا حياة بعيدة عنا مئات السنين الضوئية.

أكل الناس الأساسى هناك “العصيدة” مكونة من “لبن+دقيق” ، بعض الناس منهم مازال على نظام المقايضة ، يعطيك الفحم ويأخذ دقيق ، والكهرباء هناك منعدمة ، ويستخدمون نيران الحطب.

لا يوجد بيوت ، فقط خيام عبارة عن بعض قطع خشب ملفوفين بقطع قماش متقطع وذائب من حرارة الشمس الشديدة .

يشربون المياه من الآبار والعيون الموجودة هناك في المنطقة .

لا يستطيع أكبر مخرجي “هوليود” أن يخرج مشهدا مثل هذا في الحقيقة .

اقترحات لحل بعض المشاكل

مشكلة المياه

هي المشكلة الأساسية لأهالي شلاتين ، يوجد مكثف واحد يقوم بتحلية مياه البحر ، وبعد ذلك يتم نقلها في سيارات للأسر الموجودة في القرى المختلفة ، وهذا طبعا للأسر التي تملك خزانات لكن من لا يملك يظل يأخذ من جيرانه الماء.

هذا الماء أيضا للأسف غير صالح للشرب ويستخدم فقط في أعمال الغسيل وإعداد الطعام .. إلخ ، مياه المكثف توزع على البيوت مجانا. أما عن مياه الشرب الصالحة فهذه تأتى من أسوان ويتم توزيعها على الأسر وبمقابل مادي بسيط بالنسبة لنا و مرتفع بالنسبة لهم.

لكي تملأ خزان المياه تدفع خمسة وعشرين جنيها ، وفي الصيف يستغل التجار الوضع ويرفعون سعر المياه إلى خمسة وثلاثين جنيها ، وبعض التجار يقوم بخلط مياه الشرب بمياه المكثف دون رقيب عليهم .

الحلول المقترحة:

1- يتم وضع خزان كبير في منطقة تكون قريبة إلى حد ما من باقي القرى البعيدة عن البحر بحيث تخزن المياه الموجودة من المكثف وبعد هذا يتم عمل محطات تنقية لمياه المكثف وتكون موجودة في القرى ، وتظل هذه المياه لهم دائما.

2- يوجد بجوار بعض القرى بيوت سكنية توصل لها مواسير مياه ، فكرنا أننا نركب ولو حنفية تفيد أهل القرية المجاورة لهذه البيوت

3- بناء عدد ما من خزانات الصب بنسبة معينة بعدد السكان الموجودين بكل قرية وهذه ستفيد عددا كبيرا من أهل المنطقة بجانب الخزانات الموجودة لديهم.

مشكلة الحمامات

المشكلة تتلخص أن كل بيت لا يملك حماما ، ولو وجد حمام لا يوجد أى ساتر نهائيا ، فمن لا يملك حماما يضطر أن يسير ناحية الجبل إلى أن يختفي عن أنظار الناس.

وطبعا يكون ذلك متعبا لكبار السن أن يسيروا كل هذه المسافة كلما أرادوا أن يذهبوا للحمام ، وأيضا ممكن أن تخرج لهم الحيوانات من الجبل.

الحل المقترح:

أن نبنى عددا معينا من الحمامات العامة بكل قرية ويتم توزيعها بشكل معين بحيث تخدم أغلب سكان القرية الذين لا يملكون حمامات

مشاكل أخرى وبعض الحلول

–  رعاية الأغنام هناك تعانى من مشكلة كبيرة جدا ، وهى أنه لا يوجد لهم العلف ، لذلك نجد بعض الأغنام تموت من قلة المياه و الطعام . هناك إذا صدمت عنزة أو قطة من غير قصد ستجدها واقعة على الأرض من شدة العطش والجوع.

الحل المقترح:

نقوم بعمل بحث عن إمكانية زراعة أي شيء باستخدام مياه المكثف بحيث يكون علف الماشية متوفرا.

من الممكن أيضا عمل مزارع سمكية وذلك استغلالاً لموقعهم على البحر الأحمر ، وأيضا زراعة النخيل هناك يكون مفيدا جدا لهم حيث يكون ظلا لهم ويمكن أن يستخدم البلح للأكل أو فى التجارة.

إن شاء الله سوف نجري بحوثا مكثفة على هذا الموضوع

 المصدر: خطوات

المزيد:

وثائقى حلايب وشلاتين
كتاب الزواج والبيئة فى منطقة الشلاتين للكاتبة جيهان حسن 

4 comments

  1. السلام عليكم ورحمة الله….. كم أسعدني في هذه الظروف القاحلة مثل الظروف الإجتماعية في حلايب وشلاتين ان تحققوا هذه الرحلة الرائعة ولكن يجب الإشارة أن هذا الإنجاز ليس بغريب على أبناء الجغرافية على الرغم من أنني مقتنع تماماً إلى حد يشوبه الشك يا أخ مجدي ان الرحلة لا يغلب عليها الطابع الجغرافي بقدر ماينتمي إلى الدراسات الإجتماعية الشاملة و النشطة لما لا يكون معك قافلة إجتماعية من قسم الإحتماع وكل الحديث عند يا أخ مجدي في طريق العردقة يتسم بمشقة ومشاكل الطريق أن أذكر الدكتور أحمد إسماعيل رحمة الله عليه كان في طريقة لجبل كاترين معنا نزل من الباص الذي كان يقلنا وعلى الرغم انه ليس في تخصصة الدراسات الطبيعية انت عارف أنه عمران وشرح لنا الكثير عن المطاهر الجيمورفولجية حيت أنه متشبع من حليب الحغرافية الخالص المهم اين الحديث عن المطاهر الجغرافية وكمان من أجل الإختصار الحل في هذه المنطقة القاحلة هي الزراعة باي شكل من الاشكال والسبب الأساسي هو الحاجة الملحة إلى تحويل المناطق هذه الي منطقة جذب بأي شكل الاول / واضح جداً ان المجتمع المحيط بالمنطقة يؤثر عليها بالسلب لأنه بكل تأكيد يشابه نفس المنطقة في القحولة
    الثاني / جذب السكان إلى الثروة السمكية لأنها في الأول تزودهم بالأكتفاء الغذائي الذاتي الذي لايحتاج إلى تمويل ولكنه في المقام الأول إستثمار رائع لكن كيف أكيد انت بعين الجغرافي ادرى ولكن تكن القحولة مثلما نرى في المناطق الصحراوية السعودية المجتمع الذي يعشق الحياة في البرية لكن واضح جدا ان الحياة الأدمية مستحيلة في ” حلايب وشلاتين ” ممكن لأنها خارج حسابات الخريطة السياسية المصرية من قديم الأزل أو لانها متطرفة ومترامية الموقع لكن على أي حال سواحل المنطقة بيئة سياحية رخوة وطالما توفر الكهرباء والمياه توافرت الحياة ولكنها محتاجة الكثير من البحث من موارد التنمية لكن من أجل التقصير في التعليق عندك قصور جغرافي في الرحلة ياأخ مجدي لأن كل تقديرك قلت لك في المقام الأول إجتماعي إنساني بحت الأولى طلبة قسم الإجتماع أو طلاب الخدمة الإجتماعية أو غيره من قسم العلوم الأنسانية والله الموفق ياأخ مجدي بمشيئة الرحمن …
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،،،،
    مصطفى إسماعيل محمد إبراهيم
    استشاري الخرائط
    نظم المعلومات الجغرافية
    المخطط الأقليمي بديوان إمارة العاصمة المقدسة “منطقة مكة المكرمة”
    المشرف على أعمال الكارتوجرافي بالإدارة العامة للخرائط الطبوغرافية “المساحة الجوية”
    الهيئة المصرية العامة للمساحة – وزارة الأشغال العامة والموراد المائية “وزارة الري”

    إعجاب

  2. السلام عليكم و رحمة الله

    معكم د/ أحمد الجندى
    اولا اسمحولى احييكم على مجهوداتكم الرائعة
    ثانيا انا أعمل مدير تسويق فى المجال الطبى لكن مهتم بإجراء الابحاث و مناقشة الافكار المختصة بتطوير الاراضى و اقامة المشروعات التنموية و ارجو منكم التواصل و تبادل الافكار و احب اتطلع على على كل ابحاثكم و مشاريعكم الخاصة البموضوع ده

    إعجاب

  3. انا مسافر اسوان و عايز اروح شلاتين…هل ممكن تدلنى على شخص من هناك يساعدنى على زيارة مختلف قراها؟

    إعجاب

أضف تعليق